القصبة



بنيت سنة 876هـ/1471م، على مساحة شاسعة وبتصميم شبه مستطيل، واحتلت بذلك الجزء الشمالي-الغربي من المدينة العتيقة. كانت هذه المعلمة محاطة بسور قوي تخلله مجموعة من الأبراج والأبواب تشرف على أحياء المدينة العتيقة. عند دخول القصبة، يمكنك الإعجاب بحديقتها على الطراز الأندلسي مع زيارة مركز إشعاع التراث (المتحف الإثنوغرافي للقصبة سابقا) الذي يضم الآن ثلاثة أوراش عمل خاصة بالحرف الرئيسة للزخرفة الفنية في شمال المغرب والأندلس: الخشب والزليج والجبص.

كانت الماهية العسكرية للقصبة قائمة ضد الاحتلال البرتغالي منذ تاريخ تأسيسها. ومن المألوف أن تبنى الرباطات على السواحل، في حين أن تلك الموجودة في المناطق الداخلية كانت قليلة، مما يشكل إحدى خصوصيات رباط شفشاون الذي يقع داخل هذه المنطقة الجبلية، مبرزة بذلك الدور الدفاعي لإمارة الرواشد، وظلت القصبة كذلك منذ القرن الخامس عشر الميلادي وحتى عهد السعديين والعلويين حيث باتت مقرا لحكم قواد منطقة غمارة.

تشكل هذه القصبة رمزا للعمارة العسكرية للقرن الخامس عشر الميلادي، وكانت القصبة دار للإمارة أي مقر للسلطة المحلية. كانت القصبة تتكون من الإقامة الأميرية، مسجد صغير خاص بالأمير،حديقة، وإسطبلات للخيول وسجن. واستمرت هذه المعلمة في أداء أدوراها كمركز للسلطة المحلية (دار المخزن) إلى فترة الحماية الإسبانية، أي دخول الجيش الإسباني للمدينة خريف سنة 1920.

تشكل قصبة شفشاون نموذجا للقلعة الحضرية التي ضمت مقر للسلطة أو دار الإمارة. كما أن هذه المعلمة تعكس جوانبا من الفن الأندلسي خصوصا على مستوى الأبراج الثلاثة عشرة والتي ترتبط فيما بينها بواسطة ممر من التراب المدكوك. يعد البرج البرتغالي أكبر وأعلى هذه الأبراج، حيث يضم هذا البرج أربعة طوابق، باعتباره كان برج للمراقبة.

تشكل القصبة أول مزار للسياحة الثقافية بالمدينة لجذب الزائرين الذين يبدون إعجابهم بجمال حدائقها ذات الطراز الأندلسي وعلو أبراجها. وقد صنفت هذه القصبة ضمن التراث الوطني بوصفها أول معلمة تاريخية بالإقليم وفقا للمرسوم المنشور في الجريدة الرسمية رقم 4506 لسنة 1997. بعد مرور بضع سنوات، قامت وزارة الثقافة بعملية ترميم شاملة للقصبة سنتي 2002-2003، وتمت إعادة تأهيل إحدى فضاءاتها كمسرح للهواء الطلق عام 2005. على مستوى السياحة الثقافية، تشكل القصبة أهم مزار للسياحة الثقافية بل الأول من نوعه على مستوى المدينة، لأنها تستقبل سنويا الآلاف من الزوار المحليين والأجانب